عبور

عبور
الصورة لسارة بينيو

السبت، يونيو 06، 2015

٣٠ ثلاثون 30


أجلس في السرير تحت غطاء صيفي خفيف
أرتدي ثوب نوم جديد
أظافر قطي الصغير المشاغب تغرز في ذراعي
تذكرني بالوقت

أقل من ثلاثين ساعة متبقية
بانقضائها سأبلغ الثلاثين 
في القاهرة
وسط حبيب وأصدقاء أقرباء
وبعيداً عن أحباء
في المدن الكثيرة التي عشت وزرت

أستمع لتسجيل صوتيّ قديم
على شريط كاسيت حولته أمي لـ"تراك"
الصوت الطفل يقول: "أنا سوسو الحبّابة"
أغمض عينيّ لثانية
سأصير ثلاثين سنة كاملة
"أنا سوسو الحبّابة"

أتساءل منذ أشهر بصوت منخفض أحياناً
ومرتفع جداً أحياناً أخرى
عم سأفعله بهذه المناسبة!
عم ينتظرني يومها؟ أو بعدها؟
وبمجرد التساؤل
-بمعدل مرة كل يومين أو ثلاثة على الأقل-
أدخل رحلة بصرية وسمعية لا تصدق
من الأحداث التي عشتها في السنوات العشر الماضية
-أضحك على "لا تُصدّق"
لكنني بالفعل غير مصدقة
بأنني هنا، نفسي التي كنت هناك وهناك وهناك
مع ذاك وذاك وأولئك-

يكرّ الشريط أمامي، كـ"نيجاتيف" صور قديمة
أتخرج من الجامعة، أعود لغزة
ثم أسافر لدبي
أتزوج، ثم أسافر لشيكاغو
أفارق، ثم أعود إلى بيروت، ثم أرتد إلى القاهرة
أحب وأغامر وأحب 
أسافر وأسافر وأسافر
أصنع أصدقاء من المجانين والحالمين
أستجمع شجاعتي بعد كل وعكة لأرمم نفسي بكل الطرق الممكنة
أقفز بين كل عمل والآخر، ومهمة وأخرى
بمزاجية خاصة، وجناحين قويين
من الأبحاث الميدانية الاقتصادية إلى كتابة المقالات التجارية
إلى صدفة الترجمة والتدقيق، ومغامرة الأنروا والسياسات الصحية
وإدارة الحملات الافتراضية إلى إدارة مساحة مجتمعية
ثم أتنبه لغرزة ظفر في جلدي فأستفيق من الذاكرة

على أعتاب الثلاثين
أقل من ثلاثين ساعة متبقية
أربي القطط
وبي لهفة لتربية الأطفال
أعرف الفرح
كما أعرف الحزن
أقبل الفرح
كما أقبل الحزن
ممتنة لمن تمسكوا جيداً خلال الرحلة
فظلوا معي
ولست حزينة على من أفلتوا بحبال الوصل
لضعف سواعدهم
أقترب من الروح
أستمع أكثر للجسد
أستكشف اللطف مع النفس
أعترف بنفسي، أقبلني أكثر
وأكتب بملحمية كما اعتدت
وربما كما سأظل دائماً