عبور

عبور
الصورة لسارة بينيو

الأربعاء، ديسمبر 05، 2012

صباح جديد في لشبونة




هناك صباح جديد
هناك أطفال يلعبون في الأسفل
هناك قرميد غسله الشتاء
هناك نافذة على الطابق العاشر
هناك طريق سريع
وموظفون يذهبون للعمل باكرًا
ومدينة تستفيق
وهناك امرأة تجلس في غرفة أحد الفنادق تطل على كل هذا من خلال الحائط الزجاجي وتتنفس

زارت هذه المدينة من قبل، تحاول أن تتذكر لكنها لا تستطيع. حتى اللغة التي لا تفهمها تسمعها لأول مرة. أصناف الأكل، رائحة الشوارع، وجوه أهل المدينة وأطفالهم – كلهم يظهرون عليها لأول مرة. تريد أن تمضي وقتًا أطول هنا، تقول لنفسها، ثم تستذكر رغبتها في العيش في كل المدن مرةّ واحدة. تحسّ بنخزة في قلبها، تظنّ أنها أدمنت الترحال. وحين تحاول طرد تلك الفكرة يبدو لها أنها ربّما لم تنضج بعد وأنها لا زالت ترغب بكل شيء كما الأطفال. تهاتف حبيبها، تقول له لننتقل هنا وهو في سرّه يضحك، فكم من مدينة طلبت منه الانتقال إليها  حتى الآن!

إذن المدينة تستفيق، وهي تستفيق على حرّيتها معها. المدينة تغسل وجهها وهي تنسج الذكريات الجديدة معها. المدينة تتلون بنور الحياة وهي يغزوها العشق من كل جانب. النشوة تعود إليها شيئًا فشيئًا، والحرية تنتشل كل العفن في الداخل، الدروب ينقشع عنها الضباب والبدايات الجديدة تفتح أبوابها لها.

هي قرّرت وللمرة الأولى أن تؤمن حقًا بالبدايات الجديدة، وحين فعلت أرسلتها عشتار لهذه المدينة من جديد لتعقد معها الصلح، وتبدأ وحدها قصة امرأة عاشقة ومدينة.

البدايات الجديدة هي منزلها اليوم وليس الرجال أو الترحال أو الأغراض العزيزة. الشمس تُجلي الغيوم، المدينة يعلو صوتها، هي تستفيق، تضع الكحل وأحمر الشفاه الغامق، وترتدي البدايات الجديدة روحًا لها.

فرح برقاوي
لشبونة، البرتغال
5 ديسمبر 2012
(غرفة في فندق الماريوت على الطابق العاشر/ 1015)