والله أعرف
لم أجئك هذه المرة بفرح
ولا بأخبار تغذي فضولك
ولا بأصدقاء جدد
وكم أنت محقة
فقدت بالتأكيد قدرتي على السهر والرقص والشرب وفتح الأحاديث التافهة منها والمعقدة مع الأصدقاء ومرتادي البارات
أعرف يا بيروت كل ملاحظاتك علي وعلى ما اخترته لنفسي من “حماقات”
أعرف أيضا أنك لا تفهمين لماذا وضعت رحالي في القاهرة وجعلت لي فيها بيتا
الحقيقة أنني لا أفهمني أيضا
لكنني حين وصلتك منذ أيام وأنا أفهم ببطء معنى هذه الرحلة
فهمت لماذا أقابل الأصحاب وكأنني تركتهم البارحة في نفس الشارع
ولماذا أمر بشوارعك وكأنني أحفظها عن ظهر قلب
ولماذا أخاطبك عن مسافة
واليوم، اكتملت في ذهني فكرة ما
أفكر يا حلوة أنني عدت لأودعك هذه المرة
لأعيد كتابة لحظة الوداع منذ عام ونصف حين رحلت على عجالة
لألتقط ما تبقى لي فيك من تفاصيل
لأستودع كل ما تشكل فيك من ذكريات
ولأستحق رحيلي إلي بيتي في القاهرة
حيث أصنع حياتي الجديدة وحدي
تماما كما جئتك قبلا
أعرف ما ستقولينه يا بيروت
والله أعرف
لكن دعيني أجرب البدء مرة أخرى