إلى رشا حلوة - ٩ أكتوبر ٢٠١١
الصفحة بيضاء.
أجل.. مضى عام أو أكثر ولا تزال هذه الصفحة بيضاء.
في كل مرة أشغل فيها اللابتوب البنفسجي.. وأقفز بحماسة إلى صفحة وورد أسكب فيها تفاصيل المساء أو بقايا ذكريات، تنسحب الكلمات برفق ودون سابق إنذار وتتركني إلى تثاؤب محتد أو رغبة شديد بالبكاء.. وتمضي.
هذا اللابتوب الصغير والخفيف الوزن اللي أهديته لنفسي في ديسمبر الماضي تنبؤاً بسفرٍ مستمر قد غدر بي أكثر من مرة.. وتآمر مع هذا البياض عليّ.. وكأن وقت الكتابة ينتهي كلما راودتني فكرة تستحق أن تقتل فراغ الصفحات.
اه يا صديقتي الجديدة.. طلبتِ أن أكتب لك رسالة، وهائنذا أستدعي الكلمات
على مهلٍ.. أخادعها.. أعدها بمقابل كبير إن هي طاوعتني وسهّلت عليّ مهمتي.
فمهمتي هذه صعبة يا حلوة. مهمتي أجهضتها الأوجاع أكثر من مرة، واستوقفها
تشتت الزمان والمكان واللغة، ومن ثم أثقلها هول ما رأيت. وعلى سيرة "هول ما
رأيت" تستحضرني الآن للمرة المليون الجملة الغنائية من كورال الأمثال
الشعبية "الشيء إن زاد عن حده يتقلب ضده"، هي تختصر المنطق الذي يعمل به
قلمي أو مؤشر الكتابة الإلكتروني، فهما يصابان بشلل طويل الأمد كلما اكتنزت
أنا بالأفكار والأحداث والذكريات، وربما بشللهما هذا هما يطالبانني بغربلة
عاجلة ودقيقة وحاسمة لما يعتمل داخلي، يطالبانني بأن أطلق سراح بعض
المشاعر لتذهب في سبيلها بعيداً عني، لتتركني بحمل معقول يستطيعان هما
استلامه عني والنزول به على هذه الصفحة البيضاء.
تمضي الأيام وأنا مشلولة. أحاول أحاول. أكتب سطراً وأعد نفسي بأن أرجع في الصباح الباكر لأدلي بشهادتي على أي شيء. على الأخبار السوداء التي تأتي كل ساعة. على شيكاغو الجميلة. عن ساقاي اللتان لا متعة لهما سوى الرقص. على علاقة حميمة سريعة مررت بها. أو. أو شهادتي على صورتي في المرآة والخطوط التي بدأت ترتسم ببطء وأناقة مبالغة تحت عينيَ.
منذ أكثر من عام وأنا أجرب أن أكمل الفكرة. أن أكمل الفقرة. أن أكمل السطر الأول. أن أفهم الكلمة. لكنني كلما جربت أن أكتب دخلت في تنويم مغناطيسي كذلك اللي جربته مرة في دبي. الكلمات ترتسم فجأة على شكل دهاليز وهي إما لا تقود لشيء أو أنها تقود لكل شيء: فقط، فقط لو أنني أجد الطريق.
هذه ليست رسالة. هذه شهادة على حالة العبث التي أمر بها منذ أكثر من عام. وربما، بل على الأرجح منذ انزلقت بفرح مؤجل من رحم أمي الحالمة. حالة العبث هذه تغير أبعاد الأشياء: رائحة الحب، الألوان، مذاق القهوة في الصباح الباكر، ووقع الموسيقى.. كلها تصبح أبعد بخطوة أو خطوتين، أو ربما أبعد بسنة ضوئية، أو كون بأكمله.
هذه أولى رسائلي لك يا حلوة. حاولت هذه الصفحة البيضاء، حاولتها لأجلك مرة أخرى، وسأحاول من جديد حتى تقرأي مني رسالة حقيقية. اعذري هذا الحزن ورسالة ملتبسة غير متعددة الوسائط، واستمعي جيداً للموسيقى الصامتة التي أرفقها هنا، هي تحكي الكثير.. الكثير.
الشوق
فرح
تمضي الأيام وأنا مشلولة. أحاول أحاول. أكتب سطراً وأعد نفسي بأن أرجع في الصباح الباكر لأدلي بشهادتي على أي شيء. على الأخبار السوداء التي تأتي كل ساعة. على شيكاغو الجميلة. عن ساقاي اللتان لا متعة لهما سوى الرقص. على علاقة حميمة سريعة مررت بها. أو. أو شهادتي على صورتي في المرآة والخطوط التي بدأت ترتسم ببطء وأناقة مبالغة تحت عينيَ.
منذ أكثر من عام وأنا أجرب أن أكمل الفكرة. أن أكمل الفقرة. أن أكمل السطر الأول. أن أفهم الكلمة. لكنني كلما جربت أن أكتب دخلت في تنويم مغناطيسي كذلك اللي جربته مرة في دبي. الكلمات ترتسم فجأة على شكل دهاليز وهي إما لا تقود لشيء أو أنها تقود لكل شيء: فقط، فقط لو أنني أجد الطريق.
هذه ليست رسالة. هذه شهادة على حالة العبث التي أمر بها منذ أكثر من عام. وربما، بل على الأرجح منذ انزلقت بفرح مؤجل من رحم أمي الحالمة. حالة العبث هذه تغير أبعاد الأشياء: رائحة الحب، الألوان، مذاق القهوة في الصباح الباكر، ووقع الموسيقى.. كلها تصبح أبعد بخطوة أو خطوتين، أو ربما أبعد بسنة ضوئية، أو كون بأكمله.
هذه أولى رسائلي لك يا حلوة. حاولت هذه الصفحة البيضاء، حاولتها لأجلك مرة أخرى، وسأحاول من جديد حتى تقرأي مني رسالة حقيقية. اعذري هذا الحزن ورسالة ملتبسة غير متعددة الوسائط، واستمعي جيداً للموسيقى الصامتة التي أرفقها هنا، هي تحكي الكثير.. الكثير.
الشوق
فرح