الخميس الأخير من تشرين الثاني/نوفمبر
عيد الشكر يأتي هذا العام على شيكاغو أو عليّ عاصفاً/ ممطراً/ بارداً..
ولكنه يأتي باسماً/ فاتحاً ذراعيه/ واعداً بفرحٍ مؤجل
*****
هذه الليلة
أشكر الحياة على شقتي الصغيرة في شيكاغو.
هذه المساحة الضيقة الأبعاد –الاستديو- بسريرها الذي يتسع لشخص وظله وأزيز سقفها وأرضيتها الخشبيين تتسع لكل تفاصيلي/ ألواني/ أهوائي.هي بيتي.
هي بيتي الذي يخبئني من بردك شيكاغو، من وحشة الوحدة، ومن شرور نفسي.
في شقتي الصغيرة الدافئة بشيكاغو، تجدون من كل شيء قطعة واحدة. إلا مني. فأنا فيها أتبعثر وأبعثر شعري في كل زاوية.
بريق عيني يحلق في المكان/أرقص وحدي/ أستمع لنقاشٍ حاد بين المطر ونافذتي/أنسى نفسي تحت الماء الساخن/أراقب صوتي وصمتي.
*****
هذه الليلة
أشكر الحياة على مشروب "اللاتيه" في كل ساعة وفي كل وقت.
أشكرها على هذا اللون الذي يشي بالدفء والنشوة.
على كل الرشفات. رشفة رشفة. بعض الرغوة تعلق بشفتي وتحرك قلمي.
على كل الأحاديث، النظرات، واللحظات التي تمر في تأمل المارّة خارج واجهات المقاهي.
*****
هذه الليلة
أشكر الحياة على شيكاغو.
أشكرها على كل رياحها التي زعزعتني. على أوراق الخريف التي علقت بشعري.
على الرحلات اليومية المتكررة من وإلى الجامعة العتيقة. على مخبز ميديتشي العابق بكل ما تشتهي على الطريق.
على ميشيغين أفنيو الصارخ بواجهات محلاته وبساطته وسرعته.
على بحيرة ميشيغن التي تخدعك بهيئة بحر ربما يخبئ أحباءك خلفه.
*****
هذه الليلة
أشكر شيكاغو على قرصات البرد اللاذعة التي تجدد معنى الدفء.
على الرمادي الذي يعب المكان ريثما تحضّر الشمس مفاجأة أخرى.
أشكرها على البعد الموجع والمحبب في آن.
على الوجوه الجديدة. على الصباحات البيضاء.
على الذكريات الناشئة.
على النسيان.
فرح برقاوي
شيكاغو/بيروت
الخميس 25/11/2010